في بحثهم عن كوكب شبيه لأرضنا في الفضاء الخارجي، يريد علماء الفلك نصب 1000 تليسكوب راداري يصل قطر كل واحد منها 12 مترا. ويختلف التليسكوب الراداري عن نظيره البصري بقدرته على تَفحُّص مسافات تصل إلى 16 مليار سنة ضوئية.
يخطط علماء الفلك لمشروع عملاق لا يقل أهمية عن مُصادم الهَدرونات الكبير الموجود في سويسرا. تقضي فكرة المشروع بنصب ألف تليسكوب راديوي وتوزيعها على قارة بأكملها. ويطلق على المشروع اسم "Square Kilometer Array" ، وبعد انسحاب عدة دول من المنافسة على إقامة المشروع على أراضيها، فإنها تنحصر الآن بين إفريقيا واستراليا.
صاحب الفكرة هو عالم الفلك غوردون ماك ليود، وهي تقضي بنصب ألف طبق من أطباق التليسكوب الراديوي العملاقة التي يصل قطر كل منها إلى 12 مترا. وسيتم نصب القسم الأكبر منها في صحراء جنوب إفريقيا إذا وقع الاختيار عليها إضافة إلى أطباق أخرى في غانا وكينيا وجزر موريشيوس ومدغشقر وموزمبيق وناميبيا وزامبيا وبوتسوانا.
وحسب ماك ليود توزيع سيكون هناك مواقع تضم " 20 إلى 40 طبقا" أربعة منها في سهول بوتسوانا حيث يعيش عدد كبير من الفيلة التي قد تلحق أذى بهذه الأطباق، لذلك يقول ماك ليود "سوف نسيج الموقع بحواجز من الحجارة التي لا تستطيع الفيلة السير عليها دون إلحاق الأذى بالفيلة".
البحث عن سر الكون وولادة النجوم
تصل تكلفة المشروع إلى مليار وخمسمائة مليون يورو، وستقوم هذه الأطباق بالتنصت على الكون الفسيح. ويأمل الفلكيون أن تساعدهم التليسكوبات الراديوية على كشف سر تكون النجوم والبحث عن كواكب جديدة واستكشاف حدود نظرية ألبرت آينشتاين النسبية.
لكن وقبل ذلك يتوجب على علماء الفلك الاتفاق حول مكان نصب هذه الأطباق. غوردون ماك لويد يعمل لدى وزارة البحث العلمي في جنوب إفريقيا وهو يؤيد أن يكون المشروع في قارته التي استهان كثيرون بقدرتها على المنافسة وظنوا أن استراليا ستفوز بالمشروع.
لكن رئيس جنوب إفريقيا ياكوب زوما قرر دعم المشروع بمائة وثمانين مليون يورو، وبهذا المبلغ شرع ماك لويد ببناء 80 طبقا من أطباق التليسكوب الراديوي في منطقة تبعد 650 كيلومترا شمال مدينة كيب تاون وسيتم ربط الموقع بشبكة انترنت سريع وسوف تستفيد البلدات والقرى الواقعة على طول الطريق من الانترنت. ويعتقد ماك لويد أن المشروع يمثل " فرصة بالنسبة لنا ونحن نأمل أن نؤسس الشركة في العام المقبل. كما نأمل أن نكون روادا في هذا المجال لأننا سنستخدم الطاقات المتجددة في المشروع لتزويد القرى بالكهرباء وتوفير شبكة انترنت لهم".
استثمار في مستقبل إفريقيا
إضافة إلى ذلك يعمل ماك لويد على وضع الخطط للألف تليسكوب الأخرى وكيف يمكن للدول الأفريقية الاستفادة منها وخاصة توفير الكهرباء والانترنت للمدن والقرى النائية في تلك البلدان. وبذلك يساعد الاستثمار في العلوم على ازدهار الاقتصاد، ويضرب ماك لويد مثلا بما تحقق في المنطقة الساحلية لبلاده بفضل استضافة جنوب إفريقيا لبطولة العالم لكرة القدم حيث ساعدت على إحداث ثورة في اتصالات الانترنت، وهو يأمل أن يؤدي مشروعه إلى نتائج مماثلة في المناطق الداخلية وفي دول إفريقية أخرى.
ويؤيد عالم الفلك الأمريكي شارلز ماك غرودر إقامة المشروع في إفريقيا وليس في استراليا لكونه يساعد في تنمية القارة الإفريقية "إمكانات النمو في إفريقيا كبيرة جدا وفيها ناس كثيرون. يجب على المرء أن يرى أيضا أن إفريقيا تحتاج الآن إلى الكثير من المال. وإذا تقدمت إفريقيا اقتصاديا فأنها لن تكلف العالم المزيد من الأموال، لذلك فالمشروع سيكون استثمارا في المستقبل".
طبعا ستحاول استراليا الفوز بالمشروع، وقد استثمرت الحكومة 33 مليون يورو في مشاريع الطاقة الشمسية لتأمين الكهرباء للتليسكوبات الراديوية. وتبقى سنتان أمام إفريقيا واستراليا للتنافس على الفوز بالعطاء، ففي عام 2012 سيتخذ القرار النهائي.