" غيمة الانترنت قادمة .. سوريا هل انت جاهزة لاستقبالها"
كتب محمد سليمان يوسف Sunday 18-07 -2010
في إحصائية شملت 154 دولة أجراها موقع " Speedtest.net " وأعلنها قبل أيام ، احتلت سوريا المرتبة 120 في ترتيب سرعة الإنترنت حول العالم ، وقد جاءت ردود فعل السوريين تجاه الإحصائية متباينة فمستخدمو الشبكة " واقعيون " وأقروا بصدق التصنيف وعبروا عن إحباطهم الشديد،
أما رأي من لا يستخدم الشبكة فذهب باتجاهين ،الأول: تبنى "نظرية المؤامرة" وشكك بمصداقية الإحصائية ، والثاني : تبنى "النظرية القدرية " وعبر عن رضاه كوننا بعيدون عن ذيل القائمة بل ونسبة منهم عبرت عن سعادتها لأن عربا وأجانب يحتلون في القائمة مراتب تأتي خلفنا .
"القدريون" هم من عبروا عن إعجابهم - قبل أسابيع قليلة – بدراسة نشرتها مؤسسة "كوشمان وويكفيلد" المتخصصة بمتابعة أسعار العقارات حول العالم والتي أشارت فيها إلى احتلال العاصمة السورية دمشق المرتبة الثامنة بين أغلى عشر مدن في العالم من حيث أسعار المكاتب والعقارات . وهم أيضا أي "القدريون " من أكد أن الدراسة الجديدة تأكيد لدراسة سابقة تعزز التصنيف المتقدم لدمشق بين عواصم العالم ، ويعتبرون ارتفاع أسعار عقارات دمشق أمر "قدري" يجب القبول به و مدعاة للفخر والاعتزاز لأن قدرنا نحن السوريون ليس أن نحتل دائما مراتب متأخرة بل من الممكن أن نحتل مراتب متقدمة أيضا .
أنا لست من المعجبين بالتصنيفات ولا أهدف هنا إلى الربط بين "فقاعة العقار" و"فقاعة دوت كوم " وإنما جذبني خبر هام جدا مفاده أن شركة مايكروسوفت تنصح دول الشرق الأوسط بالبدء في إعداد طلاب وتقنيين قادرين على التعامل مع الموجة المقبلة من التطورات الإلكترونية وذلك من خلال الطرح المرتقب لنظام "غيمة الإنترنت" التي ستقلب أنظمة العالم الإلكتروني الافتراضي الحالي رأساً على عقب.ومن المعروف أن " غيمة الإنترنت" مشروع يسهل التواصل المعلوماتي وبفضله يمكن لكل شخص أن يتصفح بياناته الشخصية من أي جهاز كمبيوتر بعد أن يتم حفظها في صفحات افتراضية يمكن الوصول إليها من أي كمبيوتر حول العالم ومن المتوقع أن تصبح "غيمة الإنترنت" نظاما فاعلا في منطقة الشرق الأوسط في سنة 2012 م.
إن ما يؤلمني في هذا المقام أن العالم في واد ونحن في واد ، العالم يتحدث عن " غيمة الإنترنت" وأجهزة كمبيوتر جديدة تعمل بالصوت واللمس وأسرع من الأجهزة الحالية بخمسين مرة وبعضنا ما زال يعتقد أن السرعات المتاحة حاليا في شبكة الإنترنت ببلدنا سرعات مناسبة وتكفي حاجاتنا والمؤسف في الأمر أن هذا البعض يستمتع بالقول ان شبكتنا أسرع من شبكات دول عربية وأجنبية عديدة أي أننا بقصد أو بدون قصد نقلب معايير الإقتداء ونقيس أنفسنا بالأسوأ وليس بالأفضل .
صحيح أن المنطقة برمتها بحاجة لاستثمار أموال أكثر في مشاريع البنية التحتية لشبكة الإنترنت وبحاجة للاستثمار على نطاق أوسع في الجامعات والمعاهد المتخصصة بتدريس تقنيات الاتصال والإنترنت وهندسة المعالجات الإلكترونية لكن الصحيح أيضا أننا في سوريا نملك إنسانا متعلما ومثقفا وذكيا يمكن للدولة أو للقطاع الخاص وباستشارات قليلة واستثمارات مناسبة توجيه الشباب السوري لتعزيز دراساته وتخصصاته في العلوم الرقمية بل وتحويل سوريا بكاملها – خلال عقد ين من الزمن - لما يشبه "وادي سيلكون" للمنطقة وبالتالي تصدير العلماء والخبراء لدول الجوار والعالم – بدلا من واقعنا الحالي - والتجربة الهندية في هذا المجال حية ماثلة أمامنا و يمكننا تقليدها ببساطة عندما تتوفر الإرادة السياسية والاقتصادية والتعليمية .
مما لا شك فيه أن العالم مقبل خلال السنوات القليلة القادمة على تطورات هائلة في عالم الإعلام والإعلان والتجارة الإلكترونية والاتصال والبث التلفزيوني عبر الانترنت ولن يكون من السهل على الأجيال السورية المقبلة مواكبة العالم والتفاعل مع الفضاء الإلكتروني الرقمي الافتراضي بسهولة في ظل شبكة بطيئة ومملة أقرب ما تكون مضيعة للوقت من أن تكون عامل ادخار للوقت.